حَمَلَ الغُيومَ على يَديهِ وَسارا
مُتَأَمِّلاً أَن يَحضُـنَ الأَمطـارا
وَمَضى لَهُ وَجهٌ يَذوبُ وَشَمعَةٌ
تَذوي وَظِلٌّ خَلفَـهُ يَتَـوارى
شَمسٌ تَراقِبُهُ وَلَيـلٌ يَستَفِيـقُ
على خُطاهُ وَيُِشعِلُ الأَقمـارا
يَلتَفُّ يَنظُرُ وَالدُّرُوبُ تَفَرَّقَت
فَقَدَ المَسارَ وَضَيَّـعَ الآثـارا
وَالخَوفُ حاصَرَهُ حُرُوباً وَالمَنافي
لـم تَعُـد لِلحالِميـنَ دِيـارا
حتى إذا فاضَت بِمُقلَتِهِ الدُّمُوعُ
تَفَجَّـرَت أَطرافُهـا أَهـوارا
وَتَمَدَّدَت قَصَباً وَنَخلاً كُلَّمـا
هَبَّت نَسائِمُهُ يَزِيـدُ سَمـارا
مُستَذكِراً النَّهـرَ وَالأَشجـارا
حَمَلَ النَّهارَ بِمُقلَتِيـهِ وَطـارا
شَوقاً يَرُشُّ شَواطِئَ الوَعدِ التي
انتَظَرَت لِتَنثُرَ نَذرَها أَزهـارا
يَنسابُ مِثلَ الرِّيحِ خَفقُ جَناحِهِ
كَم أَرَّقَ الأَغصانَ وَالأَشجارا
لكنَّهُ احتَضَنَ السَّنابِلَ فَانثَنَـت
في راحَتَيهِ وَأَلبَسَتـهُ سِـوارا
هُوَ طِفلُ ذاكَ النَّهرِ مَوجَتُهُ التي
ضاعَت فَصارَت ضِفَّتاهُ قِفارا
أَحلامُهُ سِربُ انكِساراتٍ وَفي
عَينِيهِ خَبَّأَ دَمعُـهُ الأَسـرارا
ولذا سَيَنطَفِئُ النَّهارُ مُجَـدَداً
وَيَظَلُّ غَيمُ الحالِمينَ عَـذارى